أحدها: ما اتفقوا عليه من أخذ يد الكاتب والصانع والمحارب بيد من ليس بكاتب ولا صانع ولا محارب.
والثاني: أن في يد المرأة منافع ليست في يد الرجل فتقابلا.
والثالث: أن أطراف العبيد تماثل في المنافع، ولا يجري فيها قود، فبطل هذا الاعتبار وبالله التوفيق.
مسألة:
قال الشافعي:"ويقتل بالواحد، واحتج بأن عمر رضي الله عنه قتل خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيلة، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً"
قال في الحاوي: وهو كما قال إذا اشترك الجماعة في قتل واحد قتلوا به جميعاً إذا كانوا له أكفاء وبه قال من الصحابة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، والمغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنهم. ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، ومن الفقهاء: مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق.
وقالت طائفة: للولي أن يقتل به من الجماعة واحداً فيه إلى خياره، ويأخذ من الباقين قسطهم من الدية، وهو في الصحابة قول معاذ بن جبل، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وفي التابعين: قول ابن سيرين والزهري.
وقال آخرون: لا قود على واحد من الجماعة بحال، وتؤخذ منهم الدية بالسوية، وبه قال: ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وداود بن علي وأهل الظاهر، واستدلالاً بقول الله تعالى:{وكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة: ٤٥] وبقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالْحُرِّ والْعَبْدُ بِالْعَبْدِ والأُنثَى بِالأُنثَى}[البقرة: ١٧٨] فاقتضي هذا الظاهر أن لا تقتل النفس أكثر من نفس، ولا بالحر أكثر من حر، وبقوله تعالى:{ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِف فِّي القَتْلِ}[الإسراء: ٣٣] ومن السرف قتل الجماعة بالواحد.
وروى جويبر عن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يقتل اثنان بواحد" وهذا نص ولأن الواحد لا يكافئ الجماعة لا يقتل بالجماعة إذا قتلهم، ويقتل بأحدهم، ويؤخذ ماله ديات الباقين، وكذلك إذا قتله جماعة لم يقتلوا به، ولأن زيادة الوصف إذا منعت من القود حتى لم يقتل حر بعبد، ولا مسلم بكافر، كان زيادة العدد أولى أن تمنع من القود، فلا يقتل جماعة بواحد، ولأن للنفس بدلين: قود ودية، فلما لم يجب على الاثنين بقتل الواحد ديتان لم يجب عليهما قودان.