فصل:
وإذا اشترك في قتل العبد سيده وعبد آخر فلا ضمان على السيد من قود ولا قيمة، وفي وجوب القود على العبد المشارك له قولان، بناء على شريك السبع، لأن فعل السيد غير مضمون، كما كان فعل السبع غير مضمون.
أحدهما: يجب عليه القود لخروج النفس بعمد محض.
والثاني: لا قود عليه لمشاركة من لا ضمان عليه، وهكذا لو أن مسلما جرح رتدا ثم أسلم فجرحه مسلم آخر ومات فلا قود على الأول، لأن جرحه في الردة غير مضمون، وفي وجوب القود على الثاني قولان؛ لأن شارك من لم يضمن:
أحدهما: يقاد منه.
والثاني: لا قود عليه، وعليه نصف الدية، وعلى هذا لو أن رجلا قطعت يده قودا وقطع آخر يده الأخرى ظلما ومات المقطوع، فقد خرجت لنفس عن قصاص مباح وظلم محظور، ففي وجوب القصاص على ظالمه بالقطع قولان:
أحدهما: يقتص من نفسه.
والثاني: لا يقتص من نفسه، وعليه نصف الدية، فإن أراد أن يقتص من اليد وجب له على القولين معا.
فصل:
فأما كلام المزني فيشتمل على فصلين:
أحدهما: ما حكاه عن الشافعي في مناظرته لمحمد بن الحسن في شريك الصبي، لم أسقط عنه القود؟ فقال محمد بن الحسن: لأن القلم عنه مرفوع، فأجابه الشافعي:
بأن شريك الأب لا قود عليه عندك، وليس القلم مرفوعا عن الأب، فأبطل عليه تعليله بارتفاع القلم.
قال أصحاب أبي حنيفة: لا يلزم محمد بن الحسن هذه لمناقضة، لأنها نقيض العكس دون الطرد، والنقيض إنما يلزم في الطرد بأن توجد العلة ولا حكم، ولا يلزم في العكس بأن يوجد الحكم ولا علة فعنه جوابان:
أحدهما: أن من مذهبهم نقض العلة بطردها وعكسها، فألزمهم الشافعي على مذهبهم.
والثاني: أن التعليل إذا كان لعين انتقض بإيجاد العلة ولا حكم، ولا ينتقض بإيجاد الحكم ولا علة، وإن كان التعليل لجنس انتقض بإيجاد العلة ولا بإيجاد الحكم ولا علة، وتعليل محمد بن الحسن قد كان للجنس دون العين، فصح انتفاضه بكلا الأمرين.
والفصل الثاني: من كلام المزني أن اعترض به على الشافعي فقال قد شارك محمد بن الحسن فيما أنكر عليه، لأنه رفع القصاص عن الخاطئ حتى أسقط به القود