قال الشافعي رضي الله عنه:((ومن اقتص حقه بغير سلطان عزر ولا شيء عليه)).
قال في الحاوي: وهذا صحيح ليس لمستحق القصاص أن ينفرد باستيفائه من غير إذن السلطان، سواء كان في نفس أو طرف ثبت ذلك عند سلطان أو لم يثبت لأمرين:
أحدهما: أن في القصاص ما اختلف الفقهاء في استيفائه فلم يتيقن فيه الحكم باجتهاد الولاة.
والثاني: أنه موجود في تعديته في الاقتصاص منه فلم يكن له القصاص إلا بحضور من يزجره عن التعدي، فإن تفرد باستيفائه فقد وصل إلى حقه ويعزر على افتياته، ولا شيء عليه إذا كان ما استوفاه من القصاص ثابتًا فإن ادعاه ولم يكن له بينة لم تقبل دعواه وصار جانيًا، فيؤخذ بما جناه من قصاص أو ديةً، ولا تكون دعواه شبهة في سقوط القصاص عنه، لأن سعدًا قال للنبي - {صلى الله عليه وسلم} - ((أرأيت يا رسول الله، لو وجدت مع امرأتي رجلًا أقتله؟ قال: لا حتى تأتي بأربعة من الشهداء، كفي بالسيف شا)) يعني: شاهدًا عليك بالقتل، وقال منصور بن إسماعيل التميمي المصري، من أصحابنا: لا يعزر الولي إذا استوفاه بغير سلطان: لأنه استوفي حقه فلا يمنع منه كاسترجاع المغصوب وهذا فاسد بما قدمناه من الأمرين.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله:((ولو قال المقتص: أخرج يمينك فأخرج يساره فقطعها، وقال عمدت وأنا عالم فلا عقل ولا قصاص فإذا برئ اقتص من يمينه وإن قال لم أسمع أو رأيت أن القصاص بها يسقط عن يميني لزم المقتص دية اليد)).
قال في الحاوي: وصورتها في رجل وجب القصاص عليه في يمناه فأخرج يسراه فقطعها المقتص، فلا يجوز أن تكون اليسرى قصاصًا باليمنى لاستحقاق المماثلة فيه، كما لا تكون اليد قصاصا بالرجل وإن وقع به التراضي، وإذا كان كذلك بدئ بسؤال فخرج يده قبل سؤال المقتص القاطع: هل أخرج يده باذلا لقطعها أو غير باذل؟ فإن قال: أخرجتها غير باذل لقطعها وإنما أردت بإخراجها التصرف بها سأل حينئذ المقتص القاطع: هل علم أنها اليسرى أو لم يعلم؟ فإن قال: لم أعلم أنها اليسرى وظننتها اليمنى فقطعتها قصاصًا فلا قصاص على هذا المقتص في اليسرى وإن لم يكن قصاصًا في اليمنى، لأنها شبهةً تدرأ بها الحدود، وعليه ديتها، لأنه قطعها خطأ بغير حق، وهل يسقط بذلك حقه من قطع اليمنى أم لا؟ على وجهين: