قال في الحاوي: واختلاف إبل العاقلة على ضربين:
أحدهما: أن يكون لكل واحد منهم نوع من الإبل فيؤخذ كل واحد منهم من النوع الذي في ملكه ولا يكلف أحدهم إبل غيره, كما لو كانت إبل جميعهم نوعًا واحدًا.
والضرب الثاني: أن تكون إبل الواحد منهم مختلفة الأنواع, فإن أراد أن يعطي من كل نوع منها جاز, وإن أراد أن يعطي من أحد أنواعها, فإن كان هو الأغلب من إبله جاز, سواء كان أعلى أو أدنى, وإن لم يكن أغلب إبله, فإن كان من أعلاها جاز قبوله وإن كان من أدناها قبل من العاقلة في الخطأ, ولم يقبل من الجاني في العمد, لأنها تؤخذ من العاقلة مواساة ومن الجاني استحقاقًا.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن كانت عجافًا أو جربًا قيل: إن أديت صحاحًا جبر على قبولها".
قال في الحاوي: المستحق في إبل الدية ما كان سليمًأ من العيوب لأمرين:
أحدهما: أنه يدل عن النفس فأشبه سائر الأعواض.
والثاني: أنه ثابت في الذمة فأشبه زكاة الفطر والنفقات, فإذا كانت إبل العاقلة كلها مراضاة أو عجافًا أو جربى لم يأخذ منها مراضًا ولا عجافًا وإن اخناها في الزكاة إذا لم يكن في ماله غيرها للفرق بينهما في الوجهين المتقدمين, وأخذنا مثل إبله سليمة من العيوب ولا يعدل إلي الغالب من إبل بلده, لأن النوع معتبر بماله وإن منع العيب أخذه فصار أصلًا معتبرًا.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن أعوزت الإبل فقيمتها دنانير أو دراهم كما قومها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال الشافعي رحمه الله تعالى: "والعلم محيط بأنه لم يقومها إلا قيمة يومها, فإذا قومها كذلك فإتباعه أن تقوم متى وجبت ولعله أن لا يكون قومها إلا في حين وبلد أعوزت فيه أو يتراضى الجاني والولي فيدل على توقيمه للإعواز قوله لا يكلف أعرابي الذهب ولا الورق لأنه يجد الإبل وأخذه ذلك من القروي لإعواز الإبل فيما أرى الله وأعلم. ولو جاز أن يقوم بغير الدراهم والدنانير جعلنا على أهل الخيل الخيل وعلى أهل الطعام الطعام. قال المزني رحمه الله: "وقوله القديم على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم ورجوعه عن القديم رغبة عنه إلي الجديد وهو (بالسنة) أشبه".