والثاني: أنه قد قرأ عكرمة: جدارًا يريد أن ينقاض والفرق بين ينقض وينقاض أن ينقض يسقط، وينقاض ينشق طولًا، وانشقاق الطول عند ابن أبي ليلى غير مضمون، ولعل عكرمة تحرز بهذه القرارة من مثل قول ابن أبي ليلى.
فصل:
وأما القسم الثاني: وهو أن يبنيه مائلًا فيسقط لإمالته فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يجعل إمالة بنائه إلى ملكه فلا يضمن ما تلف به إذا سقط، لأن له أن يفعل بملكه في ملكه ما شاء من مخوف أو غير مخوف كحفر بئر، وارتباط سبع، أو تأجيج نار، وسواء علم من سقط عليه بميل الحائط أو لم يعلم، أنذرهم به أو لم ينذرهم، لأنهم أقاموا تحته باختيارهم، فلو ربط أحدهم تحته فلم يقدر على الانصراف عنه حتى سقط عليه نظر:
فإن لم يكن الحائظ منذرًا بالسقوط لم يضمنه، وإن كان منذرًا بالسقوط ضمنه، لأنه مخوف إذا أنذر وغير مخوف إذا لم ينذر.
والثاني: أن يجعل إمالة بنائه إلى غير ملكه إما إلى طريق سابل، وإما إلى ملك مجاوز، فيكون بإمالة بنائه متعديًا لصرفه في هواء لا يملكه؛ لأنه إن أماله إلى ملك غيره تعدى عليه، وإن أماله إلى الطريق لم يستحق منه إلا ما لا ضرر فيه كالجناح فضمن ما تلف بسقوطه من نفوس وأموال.
فصل:
وأما القسم الثالث: وهو أن يبنيه منتصبًا فيميل ثم يسقط بعد ميله فهي مسألة الكتاب فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يميل إلى داره فلا يضمن ما تلفه به بسقوطه؛ لأنه لا يضمن إذا بناه مائلًا فكان أولى أن لا يضمن إذا مال.
والثاني: أن يميل إلى غير ملك وإما إلى دار جاره، وإما في الطريق سابل، فقد أرسل الشافعي جوابه في سقوط الضمان وقال: لا شيء عليه، وعلل بأن الميل حادث من غير فعله، واختلف أصحابنا في إطلاق هذا الجواب هل هو محمول على ميله إلى غير ملكه أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول المزني وأبي سعيد الإصطخري، وأبي علي الطبري، وأبي حامد الإسفراييني، أنه محمول على ميله إلى غير ملكه، وأنه لا ضمان عليه فيما تلف بسقوطه لأمرين:
أحدهما: أن أصله في ملكه وميله ليس من فعله، فصار كما لو مال فسقط لوقته وهذا غير مضمون فكذلك إذا ثبت مائلًا ثم سقط.
والثاني: أن طيران الشرر من أجيج النار أخطر وضرره أعم وأكثر، ثم ثبت أنه لو