لا تزيده معصية الله تعالى بالإباق مجيرًا. ولأن الآبق أولى بالزجر والعقوبة على المعصية، والمراد بالخبر أن العبد السارق لا يصحب ولا يمسك ويستبدل بغيره، وأما قول ابن عباس: مضطر يمكنه أن يرجع إلى مولاه ويسأل الناس في مكانه وطريقه عند الانصراف إلى الطاعة.
مسألة: قال: ويقطع النباش.
الفصل
النباش إذا أخرج الكفن من القبر إلى وجه الأرض يقطع، وإن أخرجه من اللحد إلى وسط القبر لا يقطع وبه قالت عائشة وعبد الله بن الزبير والحسن وعمر بن عبد العزيز والنخعي والشعبي وربيعة ومالك وعطاء وقتادة وحماد وعثمان البتي وأبو يوسف وأحمد [٧١/أ] وإسحاق وأبو ثور وداود، وقال أبو حنيفة ومحمد والثوري: لا يلزمه القطع أصلًا، وبه قال الأوزاعي واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا قطع على المختفي" وأراد به النباش ولأن القبر ليس بحرز للكفن لأنه يوضع فيه للتلف وليس بحرز لسائر الأموال. ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم في خبر البراء بن عازب "ومن نبش قطعناه" وروى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أنه وجد قومًا يحتفون القبور باليمن على عهد عمر فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه عمر رضي الله عنه أن يقطع أيديهم، قال ابن عباس: حد النباش والسارق سواء والنباش أعظمهما جرمًا، وقال ابن عباس: النباش سارق يقطع في أمواتنا كما يقطع في أحيائنا، وقالت عائشة رضي الله عنها: سارق أمواتنا كسارق أحيائنا، وروي أن الزبير قطع يد نباش يمني ولم ينكر عليه أحد، وأما الخبر الذي ذكره فأراد به الخائن والمختلس بدليل ما ذكرنا، وأما قوله: أنه ليس في حرزٍ قلنا: الناس يعدونه حرزًا له ولهذا لا ينسب واضعه فيه إلى التقصير والتعدي.
فرع
لا فرق أن يكون القبر في المقابر أو في دار بعد أن لا يكون مضيعًا في المقابر هذا هو الصحيح من المذهب لأن القبر في المقابر حرز في العادة، كما أن البيت المغلق بين الجيران وليس فيه حارس حرز في العرف والعادة، وقال [٧١/ب] بعض مشايخنا: إذا لم يكن حول القبر جدار وغلق لا يلزمه القطع وهو غير صحيح، وقيل: شرط فيه ثلاث شرائط إحداها: أن يكون القبر في مقابر البلد الأنيسة سواء كان في وسط البلد أو في ظاهره. والثانية: أن يكون القبر عميقًا على معهود القبور. والثالثة: أن يخرجه من جميع القبر بعد تجريده عن الميت، فلو أخذ وكان بعضه في القبر لم يقطع، وقال