بعض أصحابنا بخراسان: إن كان القبر في محلةٍ من الدور والعمارة يقطع، وإن كان في جبانةٍ بعيدةٍ عن الناس لا يقطع، وإن كان في مقابر البلاد بقرب العمارة ففيه وجهان والأصح أنه لا يقطع لأن نفس القبر ليس بحرز، وقال بعضهم: إن كان التبر في مفازة لا يحتاج السارق هناك إلى انتهاز فرصةٍ هل يلزمه القطع؟ وجهان: أحدهما: يقطع لأنه حرز مثله والاعتماد على ما ذكرناه أولًا.
فرع آخر
لو أخرج الكفن مع الميت فيه وجهان: أحدهما: لا يقطع وهو قياس قول أبي إسحاق لاستبقائه على الميت. والثاني: يقطع وهو قياس قول ابن أبي هريرة لإخراج الكفن من حرزه.
فرع آخر
قد ذكرنا من قبل أن أصحابنا اختلفوا في الكفن فمنهم من قال: هو على ملك الميت وبه قال ابن أبي هريرة وصاحب" الإفصاح" ومنهم من قال: هو على ملك الورثة لأن التركة كلها تنتقل إلى الورثة وما يصرف إلى الميت وتجهيزه من ملكهم لاحتياجه ولهذا لو استغنى [٧٢/أ] عن الكفن بأن غرق أو أكله سبعٌ وبقي الكفن عاد إلى الورثة، ومنهم من قال: لا مالك له ويجوز القطع في مثله كما ثياب الكعبة، وقال القاضي الطبري: إذا غرق الميت وبقي الكفن، وقلنا: إنه ملك الميت يجب أن يرد إلى بيت المال لأنه لا يجوز أن يثبت الإرث بعد الموت فإذا لم يملكوه بالموت لم يملكوه بعده فيكون نحو مالٍ لا مالك له ومصرفه بين المال
فرع آخر
قال صاحب" الإفصاح": إذا ثبتت السرقة على النباش قطع الإمام يده ولا يحتاج إلى خصومة أحدٍ لأن القطع حق الله تعالى ولا يفتقر إلى دعوى مدعي وإنما نقول في مال الحي: لا يقطع حتى يدعي لأنه يجوز أن يكون أباح له أخذه فإذا حضر اعترف بما يكذب الشاهدين ويسقط عنه القطع وليس كذلك الكفن فإن هذا لا يحتمل فيه فلم يفتقر إلى دعوى مدعٍ، وقال ابن أبي هريرة: يحتاج إلى دعوى الورثة بكل حالٍ لأنه وإن كان ملكًا للميت فالورثة يقومون مقامه في سائر الحقوق، ومن أصحابنا من قال: إن قلنا: إنه ملك للميت فهل يقطع بخصومة الورثة أو الحاكم؟ فيه وجهان، وإن قلنا: إنه ملك الورثة يخاصم الورثة ويقطع بخصومتهم وإن قلنا: لا ملك له بقطعه ولا يحتاج خصومة أحدٍ.
فرع آخر
لو ترك في القبر للميت مضربةٌ ووسادة هل يقطع فيها؟ فيها وجهان: أحدهما: لا يقطع لأن ذلك ليس من [٧٢/ب] الكفن، كما لو جعل فيه ثياب الميت التي كان يلبسها في حياته وسيفه وسلاحه. والثاني: يقطع لأنهم أجروه مجرى الكفن.