للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحدٍ أو جماعةٍ لا يقدر أن يمنع منهم لضعفهم فقتلهم، أو خرجت جماعةٌ على جماعةٍ يجوز أن يقاومهم مجاهرةً بالسلاح حتى غلبوهم وأخذ أموالهم وقتلوا نفوسهم، فأما إذا خرج عدد قليل مثل الواحد والاثنين والثلاثة على أخذ قافلة الحاج فاستلبوا منها شيئًا فليسوا بقطاع الطريق وإنما ذلك بمنزلة الاختلاس وبه قال الأوزاعي والليث وأبو ثور وأبو يوسف، وقال أبو حنيفة: لا يتعلق بهم حكم قطاع الطريق حتى يبعدوا عن المصر فإن غلبوا على قريةٍ أو بليدةٍ صغيرةٍ أو كانوا بين قريتين كما بين الكوفة والحيرة فلا يتعلق بهم حكم قطاع الطريق لأنهم يلحقهم الغوث [٩٧/أ] وبه قال الثوري وإسحاق وعن مالك روايتان: إحداهما: مثل قولنا، والثانية: لا يتعلق بهم حكم قطاع الطريق حتى يبتعدوا عن المصر ثلاثة أميالٍ وتوقف أحمد في ذلك وهذا لا يصح لأن شوكتهم إذا كانت قوية وبين القريتين خمسة فراسخ أو دون ذلك يكاد يلحقهم الغوث وقد يقصد أهل المصر من العيارين لا من يقدر أهلها على دفعهم على أنفسهم ممن يلحقهم الغوث حتى لو جاء عدد يسير واستنزلوا في البلد واستخفوا في الليل في المواضع المنقطعة وقطعوا الطريق يكون عندنا بمنزلة الاختلاس.

فإن قيل: ما الفرق بينهم وبين المختلس لا يجب القطع عليه ويجب عليهم؟ قلنا: المختلس لا يرجع إلى منعةٍ وعددٍ وقوةٍ وهذا المكابر المجاهر يرجع إلى قوةٍ ومنعةٍ لا يقدر أن يدفعه عن نفسه.

فرع

قال القفال: والمكابر بالليل قاطعٌ فيلزمه القطع وهو أن يهجم قومٌ على بيت رجل بالمشاعل والمصابيح ويخوّفوه بالقتل إذا صاح واستغاث وأخذوا المال، وقال غيره: ليسوا قطاع الطريق لأنهم يرجعون إلى الخفية ولا يجاهرون بل يبادرون مخافة أن يشعر بهم وهذا أصح وهو ظاهر نص الشافعي رضي الله عنه.

مسألة: قال في (الحاوي): [٩٧/ب] إذا كان المصر كبيرًا وهؤلاء لا يقاومون جميع أهلها يجري عليهم في أطرافها حكم المحاربة، فأما في وسط المصر في الموضع الذي يكثر الناس فيه من السوق إذا كبسوا سوقًا منها فنهبوها، أو دارًا فأخذوا ما فيها ففيه وجهان، قال الأكثرون: يجري عليهم حكم المحاربة لأنهم تغلبوا بالسلاح جهارًا وحد الحراب أن لا يقدر على دفعهم المحارب وقد وجد، وقال أبو حامد: لا يجري عليهم حكم الحراب لوجود الغوث فيه غالبًا فسقط حكم مبادره.

فرع

إذا اعترضوا بالعصي أو الرمي بالحجارة فهم محاربون وبه قال أبو ثور، وقال أبو حنيفة: ليسوا بمحاربين لأنه لا سلاح معهم وهذا لا يصح لأن العصي والحجارة من

<<  <  ج: ص:  >  >>