جملة السلام الذي يأتي على النفس والطرف فأشبه الحديد.
مسألة: قال: من حضر منهم فكثر أو هيب أو كان ردءًا عزر.
المحاربون إذا اختلفت أحكامهم بأن يقتل بعضهم ولم يأخذ المال وقتل بعضهم وأخذ المال وأخذ بعضهم المال ولم يقتل يلزم كل واحد من العقوبة بقدر ما فعله من الجرم، ويعتبر كل واحدٍ بحال نفسه دون غيره كما نقول في الزنا وشرب الخمر، وأما من حضر منهم فكثر أو هيّب أو كان ردءًا لهم بكونه طليعةً أو سائسًا لم يلزمه القتل ولا القطع وإن وجب القتل [٩٨/أ] والقطع على رفاقهم ويعزرون ويحبسون وذلك عقوبة كافية لمقدار ذنبهم، وقال أبو حنيفة: القتل والقطع إذا وجب على واحدٍ منهم وجب على جميعهم القتل والقطع ويشترط أن يخص كل واحدٍ منهم نصابٌ نام فإن نقص فلا قطع عليهم كما قال في جماعةٍ سرقوا وبعضهم ردءٌ فجعل كثرتهم سببًا لسقوط الحد عن المباشر الذي لو انفرد قطع فقال: إذا كانوا عشرةً فأخذ واحدٌ تسعة دنانير ونص دينار لا قطع على أحدٍ، وقال مال: يجب الحد على الردء ولا يشترط ما قال أبو حنيفة ودليلنا أنه حد يجب بارتكاب معصيةٍ فلا يجب على المعين كسائر الحدود.
فرع
قال الشافعي رضي الله عنه: وإذا كانت في المحاربين امرأة فحكمها حكم الرجل لأني وجدت أحكام الله تعالى على الرجال والنساء واحدةٌ في الحدود، وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا حد عليها ويلزمها القصاص بالقتل وضمان المال وهذا لا يصح لما ذكرناه ولأن من لزمه الحد في السرقة لزمه الحد في قطع الطريق كالرجل، وعلى هذا الخلاف النساء المنفردات إذا قطعت الطريق يلزمهن حكم قطاع الطريق خلافًا لأبي حنيفة حتى قال: لو كان في ألف نفرٍ امرأةٌ أو صبي مراهق لا حد على أحدهم لأنها ردء لهم، فإذا لم تكن من أهل المحاربة لم يحد أصحابها وهذا تطرف إلى إسقاط هذا الحد أصلًا إذ لا يعجزون [٩٨/ب] أن يستصحبوا صبيًا أو امرأةً في قطع الطريق أو السرقة حتى يسقط الحد عن كلهم وهذا ظاهر الفساد.
مسألة: قال: ومن قتل وجرح اقتص لصاحب الجرح أولًا ثم قتل.
إذا جني في المحاربة فإن كانت الجناية قتلًا فقد ذكرنا أنه يتحتم قتله، وإن كانت الجناية دون القتل مثل القطع فإن كان مما لا قصاص فيه كالقطع من نصف الذراع والمأمومة فلا قصاص في المحاربة أيضًا، وإن كان مما لا قصاص فيه كالقطع من نصف الذراع والمأمومة فلا قصاص في المحاربة أيضًا، وإن كان مما فيه قصاص كقطع اليد والرجل والموضحة وجب القصاص وهل يتحتم أم لا؟ نص الشافعي هنا أنه لا يتحتم، وقال في موضع آخر: يتحتم ففيه قولان: أحدهما: يتحتم لأن كل قصاص كان على التخيير في غير المحاربة كقصاص النفس، والثاني: لا يتحتم ويسقط بالعفو إلى مالٍ وغير مالٍ