وهو الأصح. وقال القاضي الطبري: لا يعرف للشافعي إلا هذا لأن الله تعالى نص على انحتام القتل ولم يذكر ما دونه من الجراح فبقي على أصل التخيير ولا يجوز القياس على النفس لأن النفس خصت بأحكام لا يشاركها الجراح ولهذا وجبت الكفارة في القتل دون الجراح والتحتم حق الله تعالى كالكفارة، وكان أبو منصور ابن مهران يفرق بين النفس والطرف بأن المقصود من قطع الطريق شيئان: أحدهما: أخذ المال فجعل فيه عقوبة متحتمة وهي القتل المتحتم الذي لا يسقط بعفو الولي وأما الجراح فليس بمقصود في نفسه فإن أحدًا [٩٩/أ] لا يقصد قطع الطريق ليجرح فلم يجعل فيه عقوبة متحتمة وبقي على أصل التخيير.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا قطع اليد والرجل يتحتم القصاص قولًا واحدًا لأنه قطع يعاقب به قاطع الطريق.
فإن كان غير ذلك مثل قطع الأذن والأنف هل يتحتم القصاص؟ فيه وجهان لأنه لم يشرع حدًا في قطع الطريق وهذا غلط ظاهر، وإن كانت الجناية مما يوجب المال كالجائفة لا يتحتم أخذ المال ويجوز العفو بلا إشكالٍ، وكذلك في النفس إذا وجب المال، فإذا تقرر هذا فإذا قطع المحارب اليد اليمنى والرجل اليسرى وأخذ المال فوجب به قطع يده اليمنى ورجله اليسرى فإن قلنا: قطعه في القصاص لا يتحتم، قدّم القصاص ويتخير وليه بين القصاص وبين العفو فإن عفا قطع للمال، وإن لم يعفُ عنه قطع قصاصًا وسقط القطع سواءٌ تقدم استحقاقه أو تأخر لأن قطع المال ورد على طرفٍ يجوز أن يقطع فيه إذ لم يتحتم أخذه من غيره فلم يجز أن يعدل فيه إلى غيره، وإن قلنا: قطعه في القصاص يتحتم روعي الأسبق فإن تقدم قطع المال على قطع القصاص قطع قصاصًا وسقط قطع المال بتقديم حق الآدمي على حق الله تعالى فيه لاستغناء الله سبحانه وتعالى، وإن تقدم قطع القصاص على قطع المال قطع قصاصًا ولم يسقط قطع المال بل يعدل إلى قطع يده اليسرى ورجله اليمنى كمن أخذ المال وليس له اليد اليمنى [٩٩/ب] والرجل اليسرى لأن استحقاق القصاص فيها ختم فصار كعدمها، ولو تقدم استحقاق قطعهما للمال لم يعدل فيه إلى غيرهما لأنه ما وجب ابتداءً إلا فيهما، ولو قطع المحارب اليمنى ثم أخذ المال قطعت يمناه قصاصًا وهل يجب في قطع المال أن يقتصر على رجله اليسرى؟ وجهان ذكرناهما وعلى ما ذكرنا لو قطع يد رجلٍ في المحاربة ثم قتل تقدم القطع قصاصًا ثم يقتل لأن في تقديمه جمعًا بين الحقين ولو قطع يده في غير المحاربة ثم قتله في المحاربة فالحكم كذلك ولو قطع يده اليسرى ورجله اليمنى وأخذ المال تقطع أطرافه الأربعة اثنان قصاصًا، واثنان حدًا ولا يوالي بل يقطع اثنان قصاصًا ويترك حتى يبرأ ثم يقطع اثنان حدًا، وقال أبو حنيفة: يقطع اثنان قصاصًا أولًا ثم لا يقطع الباقي حدًا، لأن عنده مفقود اليسار فلا تقطع يمينه ثم قال: ومن