حربي بلاد الإسلام بغير إذن غنم ماله، لأنه لا أمان له، ويجوز إذا أقاموا ببلد من الحجاز ثلاثًا أن ينتقلوا إلى غيره، فيقيموا فيه ثلاثًا، ثم كذلك في بلد بعد بلد، فإن لم يقض حاجته في الثلاث، واحتاج إلى زيادة مقام؟ لاقتضاء الديون منح، وقيل له: وكل من يقبضها لك، ولو مرض، ولم يقدر على النهوض مكن من المقام، لأنها حال ضرورة حتى يبرأ، فيخرج بخلاف الدين الذي يقدر على قبضه؛ فإن مات في الحجاز لم يدفن فيه، لأن الدفن مقام تأبيد إلا أن يتعذر إخراجه، ويتغير إن استبقى من غير دفن فيدفن في الحجاز للضرورة كما يقيم فيه مريضًا.
فأما الحجاز، فهو بعض جزيرة العرب، ولأن كل قول لرسول الله صلى الله عليه وسلم متوجه إلى جزيرة العرب مختلف فيه، فهي في قول الأصمعي من أقصى عدن إلى أقصى ريف العراق في الطول، ومن جدة وما والاها إلى أطراف الشام في العرض.
وقال أبو عبيدة: جزيرة العرب في الطول ما بين جعفر أبي موسى إلى أقصى اليمن، وفي العرض ما بين رمل إلى بيرين إلى منقطع السماوة، وفي جزيرة العرب أرض نجد وتهامة، مختلف فيه، فقال الأصمعي: إذا خلفت عجاز مصعدًا، فقد أنجدت، فلا تزال منجدًا حتى تنحدر في ثنايا ذات عرق، فإذا فعلت فقد أتهمت، ولا تزال متهمًا في ثنايا العرج حتى يستقبلك الأراك والمدارج.
وقال غيره: جبل السراة في جزيرة العرب وهو أعظم جبالها يقبل من ثغرة اليمن حتى ينتهي إلى وادي الشام فما دون هذا الجبل في غرسية من أسياف البحر إلى ذات عرق، والجحفة هو تهامة، وما دون هذا الجبل في شرقي ما بين أطراف العراق إلى السماوة، فهو نجد.
وأما الحجاز فهو حاجز بين تهامة ونجد، وهو منهما، وحده مختلف فيه، فقال قوم: هوا ما احتجز بالجبل في شرقيه وغربيه عن بلاد مذحج إلى فيد.
واختلف في تسميته بالحجاز، فقال الأصمعي: لأنه حجز بين نجد وتهامة وقال ابن الكلبي: سمي حجاز لما أحجز من الجبال وأما غير الحجاز فضل من بلاد الإسلام، فمن دخلها من المشركين بغير ذمة، ولا عهد فهو حرث كالأسرى يغنم ويسبى، ويكون الإمام