للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعزل القضاة، ورأيت لمن خلع الطائع لله بحكم القضاة الأربعة ببغداد على عادتهم قبل أن يبايع القادر بالله، قال: وكذلك يستخلف للمسلمين فيجب أن لا ينعزل خليفته بموته وعزله أيضًا، ولهذا يشترط أن يكون من يوليه عدلًا مرضيًا فلو كان بمنزلة النائب والوكيل جاز أن يجعله إلى من يختاره من فاسق وغيره وهذا اختيار القفال.

قال: وعزل القاضي لا يوجب عزل القوام الذين ولاهم أمور الأيتام والأوقاف، ويوجب عزل وجل كتب إليه في تزويج امرأة بعينها ونحو ذلك من الأمور الخاصة، وذكر ابن أبي أحمد في أدب القضاة: أنه لا خلاف بين الفريقين في أن موت الإمام لا يوجب عزل قضاته.

وقال بعض أصحابنا: ينعزل القضاة أيضًا بموت الخليفة، وهذا اختيار والدي رحمه الله لأن تصرفهم بإذن مطلق فهم كالوكيل، والفرق بين هذا وبين الإمامة إذا صحت بمبايعة واحد أو جماعة لا تبطل بموتهم، أن العاقد لا يملك عزل الإمام فلا ينعزل بموته، والقاضي يملك عزل خليفته فانعزل بموته.

وقال في "الشامل": لو عزله الإمام من غير موجب لم ينعزل ويحق على قول من قال خليفة القاضي لا ينعزل بموته، أنه ليس له عزله مع سلامة حاله أيضًا.

فرع

لو وصل الكتاب إلى المكاتب وهو في غير موضع علمه لم يكن له أن يقبله، ولو أن قاضيين اجتمعا في غير موضع عملهما لم يكن لأحدهما: أن يؤدي إلى الآخر ما يحكم به، ولا أن يقبل منه ما حكم به، ولو اجتمعا في بلد أحدهما: مثل قاضي البصرة والكوفة إذا اجتمعا في البصرة لم يجز لقاضي البصرة بما أداه إليه قاضي الكوفة، ولو أداه قاضي البصرة إلى قاضي الكوفة فأداؤه مقبول؛ لأنه يؤدي في عمله ويصير قاضي الكوفة [١٢/ ١٦ أ] بسماعه منه عالمًا به وليس بحاكم فيه لأنه في غير عمله، فإذا صار إلى عمله ففي جواز حكمه به قولان كالقاضي في جواز حكمه بعمله.

فرع آخر

لو لم يكتب الحاكم الأول شيئًا بل أشهد شاهدين على حكم وأذن لهما في أداء الشهادة عنده أو عند أي حاكم من حكام المسلمين جاز، ولو ترك القاضي الكاتب اسم نفسه في الكتاب أو اسم القاضي المكتوب إليه لم يضر لما ذكرنا أن الحكم يتعلق بما يؤديه الشهود من مضمونه.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يجوز أن يقبل الكتاب إلا أن يكون معنونًا في داخله، فإن لم يكن فيه عنوان على ظاهره لم يجز أن يقبله، وقال أيضًا: لا يقبل معنونًا بالاسم وحده إذا كتبه حتى يجمع بين اسمه واسم أبيه، وحده لكل واحد من الكاتب والمكاتب فإن اقتصر على اسمه واسم أبيه ولم يجز إلا أن يكون اسم الأب مشهورًا (لا) يشركه غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>