للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخلف فلا ولاية لخليفته فإن حكم بين خصمين ترافعا إليه كان كالمحكم من الرعايا.

فرع آخر

إذا كثر عمله لزمه إعلام الإمام بعجزه عن النظر لتخير الإمام بين أن يأذن له بالاستخلاف أو يصرفه عما لا يمكنه القيام بنفسه، ولا يجوز للإمام بعد علمه أن يتركه على حاله وأولى الأمرين بالإمام أن يصرفه عن الزيادة ليكون هو المتولي للاختيار فيكون عن ثقة من نفسه فإن لم يعلم الإمام أو أعلمه فلم يأذن له في أحد الأمرين فكثرة عمله على ضربين: أحدهما: أن يكون مصراً كثير السواد كالبصرة فيختص نظره بالبعد اعتباراً بالعرف وله أن يحكم بين أهل السواد إذا قدموا عليه، فإن استعدى إليه على رجل من أهل السواد فإن كان على أقل من مسافة يوم وليلة لزمه إحضاره، وإن كان على مسافة القصر وأكثر ففي وجوب إحضاره قد ذكرنا وجهين، والضرب الثاني أن يكون عمله مشتملاً على مصرين متباعدين كالبصرة وبغداد يتخير في النظر في أيهما شاء، فإذا نظر في أحدهما: هل ينعزل عن الآخر؟ قال صاحب "الحاوي ": يحتمل وجهين: أحدهما: أنه انعزل عنه لتعذر حكمه فيه بالعجز عما لو تعذر بآفة والثاني لا ينعزل عنه ويكون باقي الولاية عليه لصحة الولاية عليهما [١٢/ ٧٦ ب] مع العجز عنهما فعلى هذا يجوز أن ينتقل من أحدهما إلى الآخر وعلى الوجه الأول لا يجوز له ذلك.

فرع آخر

لو أطلق الولاية ولم يأذن له في الاستخلاف ولا نهى عنه فإن كان الذي ولاه إياه مما يمكنه القيام في جميعه بنفسه فالمذهب أنه يجوز له الاستخلاف في شيء منه لأنه رضي باجتهاده دون غيره فهو كالوكيل لا يوكل، وبه قال جمهور أصحابنا، وقال الإصطخري: له الاستخلاف اعتباراً بعموم ولايته ولأن الإمام يولي القضاء للمسلمين لا لنفسه ولهذا لا يجوز له عزله فلا يقف استخلافه على إذنه والأول أصح. ولا نسلم بل له عزله من غير فسق ذكره ابن خيران وجماعة، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان ولا معنى لهذا فإن المذهب المنصوص ما ذكرنا. وإن كان الذي ولاه مما لا يمكنه القيام فيه بنفسه يجوز له أن يستخلف على القدر الذي لا يمكنه القيام فيه بنفسه لأن مثل هذا التقليد يتضمن الإذن في الاستخلاف ضرورة، كما لو دفع ثوباً إلى بزاز ليبيعه يتضمن الإذن في أن يدفعه إلى من ينادي عليه، وأما القدر الذي يمكنه القيام فيه بنفسه هل يجوز له أن يستخلف فيه؟ اختلف أصحابنا فيه على وجهين: أحدهما: يجوز له لما جاز الاستخلاف في البعض جاز في الكل، والثاني لا يجوز وهو الأصح لأنه لا ضرورة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>