أحدهما: لا يثبت لأن العتق به يحصل، والثاني يثبت لأن العتق يحصل بفقد الكتابة لا بهذا، وكذلك الرجوع في التدبير وعجز المكاتب عن أداء النجوم ووجوب المهر بوطء الشبهةً وثبوت طاعة المرأة لاستحقاق النفقة، واستحقاق سلب الغنيمة بقتل الكافر، لإثبات أن مال الصيد لعملك بذلك وعقد المسابقة وحصول السبق فيه، ونحو ذلك يثبت كله بشاهد وامرأتين.
ثم قال وفي قول الله عز وجل:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: الآية (٢٨٢)] وقال: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى} [البقرة: الآية (٢٨٢)]. دلالة على أن لا تجوز شهادة النساء حيث تجوز إلا مع رجل ولا يجوز منهن إلا امرأتان فصاعدًا بهذا أن شهادةً النساء [١٢/ ١٠٩ ب] في المال لا تجوز وحدهن حتى يكون معهن رجل ولا يقبل منهن أقل من امرأتين للآية التي ذكرنا.
والمعنى في ذلك ما أشار بعد هذا فقال: وأصل الماء أنه قصر بهن عن أشياء بلغها الرجال وأنهم يعلوا قوامين وحكامًا ومجاهدين، فإن لهم السهمان من الغنيمة دونهن وغير ذلك، فالأصل أن لا يجزن فإذا جزن في موضع لم تعد بهن ذلك الموضع.
وفي ضمن هذا الكلام أن المرأة لا يجوز أن تكون قاضية خلافًا لأبي حنيفة، ولأن الله تعالى ما جوز شهادتهن في آية الدين إلا مع رجل فكيف تفرد بالقضاء؟ وفيه إلى مسألة من الأصول أن الأصل إذا كان ممنوعًا محصورًا فاستثني عن أصل الحصر شيء لم يجز القياس على ذلك المستثني هذا معنى قول الشافعي فالأصل أن لا يجزن، فإذا أجزن في موضع لم يعد بهن ذلك الموضع، ونظير هذا على أصله مسألة العرايا فيما زاد على خمسة أوسق، ومسألة حصر المريض ونحو ذلك.
ثم قال الشافعي رضي الله عنه: وكيف أجازهن محمد بن الحسن في الطلاق والعتاق وردهن في الحدود في إجماعهم على أن لا يجزن على الزنا ولم يستثنين في الأعوان من الأربعة؟ دليل على أن لا يجزن في الوصية إذا لم ستثنين في الأعواز من شاهدين وهو إشارة [١٢/ ١١٠ أ] إلى قوله تعالى في الوصية {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} [المائدة: الآية (١٠٦)]، ولم يذكر رجل وامرأتان هنا فدل أن الوصاية لا تثبت بذلك وعلى ما ذكرنا قال بعض أصحابنا بخراسان: لو أرادت المرأة إثبات النكاح لمكان المهر يقبل شاهد وامرأتان لأن النكاح يرتفع يقول الرجل متى شاء ويؤاخذ بإقراره أنه لا نكاح بينهما، وحكي عن الحسن البصري أنه قال: كل ما يوجب القتل لا يقبل فيه أقل من أربعة عدول كالزنا وهذا لا يصح لأن الزنا مختلف فيه وبعضه يوجب الرجم وبعضه يوجب الجلد والشهادةً فيهما واحدةً فيجب أن يخالف ما عداه فيما يوجب القتل ولا يوجبه في أن تكون البينةً فيه واحدةً.