مسألة: قال: وقال بعض أصحابنا: إن شهدت امرأتان لرجل بمال حلف معهما.
الفصل
قد ذكرنا أنه يقبل في المال شاهدان وشاهد وامرأتان بلا خلاف ويحكم بشاهد ويمين خلافًا لأبي حنيفة ولا يحكم فيه بأربع نسوة وأكثر منهن بلا خلاف.
ولو شهد به امرأتان وحلف معهما لا يحكم به خلافًا لمالك رحمه الله، فإنه قال: يحكم بذلك كما يحكم بشاهد ويمين لأن المرأتين تقومان مقام رجل وهذا غلط لما قال الشافعي: لو جاز هذا لجاز أربع نسوةً ويعطي بهن حقًا، فإن قال مالك: هما مع يمين رجل كرجلين فيلزمه أن لا يجيزهما مع يمين امرأةً والحكم فيهما واحد [١٢/ ١١٠ ب] ولأن اليمين أضعف من المرأتين لأن شهادة الرجل والمرأتين أكثر من شهادة الرجل مع اليمين، فإذا لم يجز الحكم بشهادة المرأتين مع المرأتين فلان لا يجوز بشهادة المرأتين مع اليمين أولى ولأن اليمين ضعيف، فإذا انضم إلى المرأتين انضم الضعيف إلى الضعيف فلا يتقوى بخلاف ما لو انضم المرأتان إلى رجل أو اليمين إلى رجل.
ثم قال الشافعي رضي الله عنه: وكان القتل والجرح وشرب الخمر والقذف مما لم يذكر فيه عدد الشهود في نص كتاب ولا نص سنة لكان ذلك قياسًا على شاهدي الطلاق وغيره مما وصفت.
قال أصحابنا: من نظر أن لظاهر هذا الكلام ظن أن الشافعي قصد به بيان مجرد المذهب وليس كذلك بل فيه بيان المذهب أقوى حجةً على أبي حنيفة، ووجه الحجة فيه أن أبا حنيفة وافقنا على أن شرب الخمر والقذف والقصاص لا يثبت إلا برجلين وليس لشهادة هذه الأحكام نص في الكتاب ولا في السنة فما استقرأناها إلا قياسًا بالإجماع على شاهدي الرجعةً المقصوصين في آية الرجعة فكيف وافقنا في الفرع المستنبط من الأصل ثم خالفنا في الأصل؟
ولا يجوز أن يقال: علم ذلك بالقياس على حد الزنا لأن العدد هناك أربعة، وهنا لا يعتبر أربعة فإن قيل: فهذا إثبات الأصل المختلف فيه بفرع متفق عليه [١٢/ ١١١ أ] وهو محال قلنا: لم نأخذ حكم الأصل من الفرع بل تعرفنا بوجود الحكم في الفرع أنه ثابت في الأصل وذلك جائز بكل حال.
مسألة: قال: ولا يحيل حكم الحاكم الأمور عما هي عليه.
الفصل
أنه إذا ادعى حقًا عند الحاكم وشهد له بذلك شاهدان يحكم الحاكم بشهادتهما