للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: الآية ٢٢٢].

وأما الآية التي ذكروها فقد جعلناها دليلا لنا ولأن الاستثناء يرجع إلي الجملتين من التفسيق ورد الشهادة كالشرط إذا قال: أنت طالق وعبدي حر إن شاء الله، وبل عوده إلي الشهادة أولي، لأن التفسيق خرج مخرج الخبر والتعليل لرد الشهادة، ورد الشهادة هو الحكم المذكور [١٢\ ١١٨ ب] والاستثناء به أولي وأما قوله: إن قبل الحد لا يتحقق كذبه قلنا قد ختم بوجوب الحد عليه فقد تحققنا كذبه أيضا وعندهم لو بقي من ثمانين سوط لا ترد شهادته.

مسألة: قال: والتوبة إكذابه نفسه.

الفصل

مسموع والتوبة إكذابه نفسه لأنه أذنب بأن نطق بالقذف وفي نسخة أخري والتوبة إكذابه بأنه أذنب بأن نطق بالقذف وهما متقاربان في المعني فإذا أكذب نفسه ورجع عن قوله قبلت توبته ثم في عطفها إشكال ومذلك أنه قال: والتوبة أن يقول: القذف باطل كما تكون الردة بالقول والتوبة عنها بالقول وموضع الإشكال أنه قال: التوبة إكذابه نفسه، ثم قال: والتوبة أن يقول: القذف باطل أي هذا القذف الذي تلفظت به باطل، فإن قال قائل كيف يصير تائبا بأن يصير مكذبا لنفسه مبطلا لقوله ولعله مصر علي عبارته في قذف غير المقذوف، وأن يكذب نفسه فيه فعلا اشترطتم لفظ التوبة؟ قلنا: معني قوله والتوبة إكذابه نفسه إذا أكذب نفسه علي معني الندامة والتلافي.

وحقيقة التوبة الندامة علي ما فرط هكذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم [١٢/ ١١٩ أ] ((الندم توبة)) فأما إذا اقتصر علي تكذيب نفسه وإبطال قوله لا علي معني الندامة والإنابة والتوبة لم نجعله تائبا، وقد قال أبو إسحق: ليس معني قول الشافعي أن يقول: كذبت فيما قلت بل معناه أن يكذب نفسه في استباحة القذف فيقول: القذف باطل وإني لا أعود فيه وأنا نادم عليه أو يقول: قذفي له بالزنا كان كذبا ولا يقول: كنت كاذبا لجواز أن يكون صادقا وبه قال أبي هريرة: فإن قيل قد تقبل توبة المرتد وإن لم يقل الكفر باطل فلم شرطتم هنا أن يقول القذف باطل؟ قلنا: لا تقبل واحدة منهما حتى يأتي بما يضاد الأول فالتوحيد يضاد الكفر فاكتفي به وليس ما يضاد القذف إلا أن يقول القذف باطل فافترقا.

وقال الإصطخري: وبه قال أحمد: توبة القاذف أن يقول: كذبت فيما قلت وإنني كاذب في قذفي له بازنا وهذا ظاهر قول الشافعي التوبة إكذابه نفسه وقد روى عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((توبة القاذف إكذاب نفسه)) قال أصحابنا: ما قاله أبو إسحاق أصح وهو المذهب لما ذكرنا أنه يجوز أن يكون صادقا في الباطن ويجب الحد

<<  <  ج: ص:  >  >>