قال الشافعي رضي الله عنه هنا: ويسمع الشهادة على النسب إذا سمعته زمانًا ينتسب إلى نسب [١٢/ ١٢٤ ب] وينسبه غيره إلى ذلك النسب ولم يسمع دفاعًا ولا دلالة يرتابها فهذه شرائط أربع طول الزمان وانتسابه إلى ذلك النسب ونسب غيره إياه وعدم الدافع وعدم الأدلة التي هي سبب البينة حتى تجوز الشهادة على النسب.
وذكر صاحب "الحاوي" أنه يثبت بسماع الخبر الشائع الخارج إلى حد الاستفاضة في أوقات مختلفة وأحوال متباينة من حمد وذم وسخط ورضي يسمع الناس يقولون فيها: هذا فلان ابن فلان فيخصونه بالنسب إلى أب أدنى يعمونه بنسب أعلى فيقولون: هذا من بني هاشم فيسع الشاهد إذا استفاض عنده الخبر أن يشهد بالنسب، وإن كان استدلالًا لا يقطع بغيبته لأن الأنساب تلحق بالاستدلال.
فرع آخر
قال أصحابنا: وإذا سمع رجلًا يقول: هذا الصبي ابني جاز أن يشهد بنسبه وكذلك لو سمع رجلًا يقول هذا أبي وقد سمعه وسكت جاز أن يشهد بنسبه لأن سكوت الأب بمنزلة إقراره، والإقرار جهة يثبت بها النسب فجازت الشهادة عنه. وإنما أقمنا السكوت فيه مقام النطق لأن الإقرار على الانتساب الفاسد لا يجوز بخلاف سائر الدعاوي، ولأن النسب يغلب فيه الإثبات بدليل أنه يلحق بالإمكان البعيد، وقال بعض أصحابنا: إذا سكت عن الإقرار [١٢/ ١٢٥ أ] والإنكار فإن لم يشهد لحال بالرضي لم يثبت وإن شهدت حاله بالرضي قال أبو حامد: يثبت لأن الرضي من شواهد الاعتراف، وهذا لا يصح على الإطلاق والحكم فيه أنه إن لم ينكر ذلك لم يكن إقرارًا به يجوز أن يكون لخوف أو رجاء، وإن تكرر أحوال مختلفة وزال شواهد الخوف صار اعترافًا لأن أكثر الأنساب بمثله تثبت، وهكذا لو ابتدأ أحدهما فقال للآخر: هذا أبوك وإذا صدقه ثبت ويكون بالإقرار ثبوت النسب فلو تناكرا لا ينبغي، فإذا أنكره لا يثبت، فإن عاد فأقر ثبت، ولو أنكر المقر لم يثبت.
فرع آخر
لو شهد شاهدان أن فلان ابن فلان وكل فلان ابن فلان هل تكون الشهادة بالوكالة موجبة للشهادة بنسبهما؟ قال مالك: لا يوجب ذلك لأن المقصود الوكالة وعلى مذهب الشافعي تكون شهادة بالوكالة والنسب جميعًا لأن الشهادة توجب ثبوت ما تضمنها من مقصود وغير مقصود كمن شهد بثمن في مبيع كان شهادة بالبيع وإن قصد الثمن.
فرع آخر
الملك المطلق يثبت بسماع الخبر الشائع فيسمع الناس على اختلاف أحوالهم