للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: هذه الدار لفلان، وهذه الدابة لفلان، ويتكرر ذلك على مرور الزمان لا يرى فيهم منكر ولا منازع فتصح الشهادة بهذا الخبر المتظاهر ولا يشهد بسببه، وإن علم ذلك بالسماع لأنه لا تجوز الشهادة على السبب بالسماع إلا أن يكون سبب [١٢/ ١٢٥ ب] الميراث فيجوز أن يشهد بهذا السبب بالخبر المتظاهر لأن الميراث يستحق بالنسب والموت وكلاهما يثبتان بالخبر المتظاهر فأما الشراء والهبة لا يجوز أن يشهد به بتظاهر الأخبار لأنه يعلم بالمشاهدة.

واختلف أصحابنا مع تظاهر الأخبار بملكه هل يصح أن يشهد به من غير أن يراه متصرفًا فيه على وجهين؛ أحدهما: يصح حتى يرى تصرفه فيه فيجمع الشاهد التصرف في العلم به بين السماع والشهادة، وقال الأكثرون: يصح وإن لم يشاهد التصرف لأن الخبر المتظاهر أنفى الاحتمال من التصرف الذي يجوز أن يكون بملك وغير ملك.

فرع آخر

في الموت إذا رأى الجنازة على بابه ويسمع الصراخ ولم يذكر له موته لم يجز أن يشهد به، فإن ذكر له موته كان الخبر المعتبر فيه غير معتبر بالتواتر لأنه قد اقترن به من شواهد الحال ما يقوم مقام التواتر.

فرع آخر

اختلف أصحابنا في ثلاثة أشياء هل يجوز أن يشهد بها من جهة الظاهر والإخبار على وجهين: وهي الوقف والنكاح والولاء، أحدهما: وهو اختيار أبي إسحاق لا يجوز، لأن الإشهاد على عقد الوقف ممكن وكذلك الإشهاد على عقد النكاح والعتق فلم يجز أن يشهد بها بتظاهر الأخبار ويخالف النسب والملك المطلق والموت لتشعب وجوهها وحصولها من جهات لا يمكن إيقاع الشهادة عليها [١٢/ ١٢٦ أ] وهذا أشبه بمذهب الشافعي وهو الأصح.

والثاني: وهو اختيار ابن أبي أحمد وابن أبي هريرة وصاحب "الإفصاح" والإصطخري يصح وبه قال أحمد لأن الوقف مؤبد والولاء كذلك والنكاح فيما يطول زمانه وينقرض شواهد الأصل فجازت الشهادة عليه بتظاهر الأخبار ولأنه تجوز بأن عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلي الله عليه وسلم وفاطمة زوجة علي رضي الله عنهما، ودليلنا أن تأبدها وتطاول زمانها لا يدل على جواز الشهادة عليها بتظاهر الأخبار لأنه يمكن الإشهاد على شهود الأصل ويستحب للحاكم أن يحدد كتب الوقف وإيقاع الشهادة فيها على الشهود إذا خاف انقراض شهود الأصل، وأما زوجية عائشة وفاطمة رضي الله عنهما وأنها ثبتت بالخبر المتواتر الذي يوجب العلم ضرورة وليس الخبر الذي تراعيه مثل ذلك وإنما هذا علم بضرب من الاستدلال على ما بينا فافترقا.

ومن أصحابنا من قال: ما قاله الإصطخري أقيس وهو الأصح عندي لأن الشهادة لا تكون إلا بالعقد بالوقف، وكذلك تشهد بالنكاح دون العقد فهو بمنزلة الملك سواء

<<  <  ج: ص:  >  >>