تستلزمه هذه القوّة؛ كل هذا واجب على المسلمين، ولكن عليهم قبل هذا، وبعد هذا، أن يرجعوا إلى ربهم لأن النصر منه. إن أعداءكم يتفقون دائماً عليكم، ولو أنهم اختلفوا في كلّ شيء مااختلفوا في حرب دينكم. يخافون أن تصحوا من المخدّر الذي حقنوه في عروقكم وأن تتخلّصوا من آثاره في أجسادكم، لذلك فرّقوكم فِرَقاً من القوميات والعصبيات والعقائديات ومزّقوكم مِزَقاً بالحزبيات وبالنظريات الغريبة عنكم، ضربوا بعضكم ببعض لا ليكون النصر لبعضكم على بعض بل لتضعفوا جميعاً بانقسامكم فيكون لهم النصر عليكم كلكم.
فأبطِلوا سحرهم وردّوا إليهم سهامَهم، وخيّبوا في اتفاقكم رجاءهم، اجتمعوا اليوم بقلوبكم كما تجتمعون في هذا الموقف بأجسادكم، بأن لا تدَعوهم يقسمون جَمْعكم ويجعلون من أمتكم، من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، هيئةَ أمم بِحُجّة أن منكم عرباً وتركاً وفُرساً وهنوداً وأن منكم بيضاً وسُمراً وسوداً. فالإسلام لا ينكر الواقع ولا يقول للعربي انسَ عروبتك ولا للتركي دع تركيّتك، ولكن يقول لكل منهم: كُن مسلماً أولاً ثم كُن عربياً أو تركياً أو ما شئت، على أن تعلم أن أخُوّة الإيمان فوق أخُوّة الجنس واللون واللسان. لا تدَعوهم يفرّقونكم إلى يمينيّين ويساريّين، فالله ما جعل لنا إلاّ قِبْلة واحدة نتّجه إليها.
فيا أيها الإخوان، يا أيها الحُجّاج في عرفات: اذكروا أخُوّة الإيمان وأنها أقوى من عوامل التفرقة. وهذا الدليل حولكم، هذا الموقف الذي ليس له نظير {وفي أنْفُسِكم أفَلا تُبصِرون؟}.