للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٢٠٥ -

أيام لا تُنسى في بروكسل

لم ينتهِ الكلام عن بروكسل؛ ختمتُ الحلقة الماضية في المسجد وأبدأ حلقة اليوم من المسجد. ومن المسجد يبدأ كل عمل إسلامي، لأن المسجد عندنا هو المعبد وهو المدرسة وهو الندوة (البرلمان)، ليس المسجد للعبادة فقط، وليست العبادة في المسجد فقط فالأرض كلها للمسلم مسجد، وكل عمل نافع يعمله المؤمن احتساباً عبادة.

ولئن فرّق غيرنا بين الدنيا والآخرة وقسموا الرجال إلى رجال دين ورجال دنيا، فإن كل مسلم رجل دين. إن كانت الدنيا والدين عند غيرنا كطريق الرياض وجدة لمن كان في مكة، أو كطريق الإسكندرية والجزائر لمن كان في تونس، يمشي أحدهما شرقاً والآخر غرباً، فهما عندنا كالطائف والرياض أو الجزائر والرباط، طريق واحد. لكن من الناس من تقعد به همّته عن إكماله فيقف في أول محطة منه، يقنع بها ولا يمتدّ عزمه إلى أبعد منها، وهذا الذي يطلب الدنيا وحدها: {وَمَا لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاق}، ومَن يمرّ على هذه ليصل إلى الأخرى، ذلك الذي يجمع الغايتين يقول: {رَبَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً وفي الآخِرةِ حَسَنةً}.

<<  <  ج: ص:  >  >>