من كان يشكّ في شجاعتي وأني أقحم الأهوال وأنازل الرجال، فسأُريه اليوم أني أصنع هذا كله حين ألِجُ باختياري عرين الآساد، أُعرّض نفسي لمخالبَ تُمزّق جلد التمساح وأنياب تفتّت صُمّ الجنادل، بل بما هو أشدّ ... أريد اليوم أن أهجم على الأطبّاء.
وأنا من غير أن أهجم عليهم ما نجوت من سكاكينهم ومباضعهم، ولا تزال آثارها في بطني خطوطاً لم تمحُها الأيام. فكيف إذا فتحت عليهم باب القتال ودعوتهم إلى النزال؟ على أنها مباسطة لا إيذاء، وأنها مداعبة لا هجاء، والكلام فيها عامّ فكل واحد من الأطبّاء يرمي التبعة على غيره، فتضيع بينهم وتُقيَّد «جريمة ضدّ مجهول».
لمّا كنّا صغاراً في الشام كان الأطبّاء عندنا معدودين، وكانوا كلهم من السِّمان، أي أنهم من «الوزن الثقيل». فاستقرّ في ذهني أن من شروط الطبيب أن يكون متراكب الشحم واللحم، فإن كان هزيلاً لم يكن طبيباً حاذقاً. وكان من الأطبّاء واحد مشهور يزيد