من أفضل مَن عرفت من الناس قوّةَ إيمان وإخلاصاً في الدعوة إلى الله ودأباً عليها، رجل كان من أساتذتي في السلوك لا في العلم؛ حاولت أن أقلّده وأن أكون مثله فما استطعت. رضيّ الخلق، بعيد عن الكبر، قد أمات في نفسه حظّ نفسه وجرّدها للعمل لما يُرضي الله عنها لا لما يسرّها هي ويُرضيها، هو الشيخ صلاح الدين الزعيم. ولقد سبق ذكر أبيه المجاهد الشيخ رضا الزعيم، وسيأتي ذكر أخيه الأصغر حسني الزعيم صاحب الانقلاب في الشام. وإذا كان الذي غرس هذه الشجرة الملعونة السامّة في حياتنا (شجرة الانقلابات) بكر صدقي الذي حدثتُكم حديثه، فإنّ الذي سقاها وغذّاها وكبّرها ونمّاها هو حسني الزعيم.
كان الشيخ صلاح يعمل مراقباً للطلاّب في الكلّية الشرعية التي أُنشئت حديثاً في بيروت لتخرج للمسلمين قُضاة ومُفتين ووُعّاظاً ومدرّسين. فلما جئت دمشق للإجازة بعد انتهاء العام الدراسي (١٩٣٦ - ١٩٣٧) سألني عن أحوالي في العراق بعد أن