وصلنا باكستان واستقلالُها وليد جديد لم يبلغ عمره سبع سنين، وُلد لأمه على كبر بعدما عاشت في الاستعمار عمراً يشيخ في مثله الأطفال.
ولعلكم تعجبون إذا قلت لكم إنني لم أسمع بكلمة الاستقلال، ولم يسمع بها أحد من أهل بلدي، قبل دخول الشريف فيصل بن الحسين دمشق سنة ١٩١٨، وكنت في آخر الدراسة الابتدائية. ذلك أن الاستقلال لا يكون إلاّ بعد الاستعمار، والاستعمار لا يكون إلاّ باستيلاء الأجنبي الكافر على البلد المسلم. وقد نشأنا في ظلّ الراية العثمانية، والدولة العثمانية قامت بالإسلام وعملت للإسلام، وكان ملوكها الأوّلون من خيار الحاكمين في تاريخ الإسلام، فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات، وتركوا دعوة الإسلام لدعوات ما أنزل الله بها من سلطان، فضاعوا وأضاعوا بلادهم وأضاعونا معهم.
ولكن كيف تمكّن الاستعمار الإنكليزي من الهند؟ والهند قارة كبيرة والإنكليز -إذا قيسوا بأهلها- قِلّة قليلة؟ كيف تمكّنوا