كان عهد ما بين الحربين عهدَ نضال للاستقلال. وكانت قمّة هذا النضال وكانت ذروة أمجاده ورأسَ مفاخره الثورة السورية.
ولئن طهّر الله الجزيرة العربية من أوضار الاستعمار المباشر فلقد منّ على الشام أن كانت أولَ قُطر عربي حظي بالاستقلال التامّ والجلاء الكامل لجيوش الواغلين عليه المتسلطين على شعبه. ولئن كانت مكة أم الإسلام والمدينةُ الظئرَ التي أرضعته طفلاً، فدمشق هي الحاضنة التي حضنته صبياً. وما قوي الإسلام بها ولكنها هي قويت به، وما احتاج إليها وشرف بها ولا بغيرها، بل هو الذي شرّفها وشرّف غيرها. ولئن كانت الجزيرة دار العروبة فالشام البستان الذي يطيف بالدار، والذخر الذي لا يفنى لأهل الدار. ولئن كانت المدينةُ عاصمةَ الدولة الإسلامية الأولى فدمشق عاصمة الدولة الثانية.
على أن الإسلام دولة واحدة، ولو تعدّدت العواصم واختلف الحكّام، دولة واحدة: ربها واحد، ونبيها واحد، ودستورها واحد، وكل أبنائها إخوة في الإيمان؛ نصّ على هذا