سألني أحد الإخوان الذين يقرؤون هذه الذكريات، فقال: لقد قرأتُ في الحلقة (٢٢) وما قبلها أنك تلقّيت العربية عن الأساتذة الجندي والمبارك وسلام، وقبلهم قرأت النحو والصرف على المشايخ صالح التونسي وأبي الخير الميداني وأبي الخير القوّاس، فعمّن أخذت الإنشاء؟ وكيف تعلّمت الكتابة؟
فورد عليّ ما لم أُعِدّ له جواباً، لأنه ما خطر هذا السؤال يوماً على بالي ولا قدّرت أنني سأُسأله، وقعدت أفكّر فقلت: صحيح والله، كيف تعلّمت الكتابة؟
ما أخذتها عن أستاذ. وليست الكتابة علماً يُتلقّى عن الأساتذة كما يتلقى الطالب النحو والصرف والفقه والأصول، وما كان في أساتذتنا من يُعَدّ من أرباب الأقلام أو يُحسَب مع الكتّاب. وكلّ هؤلاء الذين سَمّاهم الأخ السائل والذين استمددت منهم معرفتي بالعربية ما كان فيهم من يُحسِن الكتابة، حتى الأستاذ الجندي فإنه على كثرة مصنّفاته كان عالِماً لا كاتباً، وليس العالِم كالكاتب؛ الكاتب هو الذي يُخرِج لك مكنون نفسه حتى تراه ظاهراً لعينك،