من سافر منكم قبل أربعين سنة من الرياض إلى أوربا أدهشه كل ما يرى: الطرق المعبَّدة المضاءة، واللوحات فيها تدلّ على أسمائها وترشد إلى تفرّعاتها، والسيارات الكبيرة ذات الطبقتين تجري فيها، والأضواء الحمراء والخضراء على مفارقها تتبدّل وحدها تفتح الطريق أو تغلقه، والعمارات الضخمة ذوات العشرين طبقة أو الثلاثين على جوانبها، والسلالم المتحركة التي تعلو بك بدلاً من أن تعلو أنت عليها، والمصاعد وهي غرفة ترتفع بك أو تنزل، فكأنها تأتيك بالدور الأعلى فتضعه أمامك على الأرض!
كان كل ما يبصره، حتى ما نراه نحن اليوم مألوفاً معروفاً ونعدّه شيئاً معتاداً، كان يدهشه إذا قاسه بما كانت عليه الرياض في تلك الأيام، يوم كانت قرية صغيرة ما فيها سيارة ولا شارع تمشي فيه سيارة، ما كانت فيها كهرباء ولا مروحة أو ثلاّجة تسيّرها الكهرباء، ما كان ماء يجري في الأنابيب ولا كان في البيوت أنابيب للماء، ما كان فيها مدارس للعلم ولا حدائق للمتعة، ما كان فيها مطعم للآكلين ولا فندق للمسافرين.