عندما ترون في كتب التراجم أن فلاناً من العلماء له مئة مصنّف ومئتان وأكثر، تذكّروا أنهم كانوا يَعدّون الرسالة الصغيرة التي تكون في ورقات مع الكتاب الذي يبلغ ألفاً وآلافاً من الصفحات، يجمعون ذلك كله في رقم واحد. فإن أنا قِست ما صدر لي بهذا المقياس جاوزَت مصنّفاتي (جاوزَت كثيراً) المئة ... الكتب منها (التي تُسمّى كتباً لا رسائل) أكثر من ثلاثين.
أول هذه المصنّفات صدوراً «رسائل الإصلاح»، من يقرؤها الآن لا يستطيع أن يدرك الأثر الذي كان لها يوم صدورها. إنها كانت حَجَراً، أو قُل «حصاة» أُلقِيَت في بركة ساكنة. ألا ترون الحصاة على صِغَرها ترسم على وجه البركة دائرة بعدها دائرة أوسع منها، ثم تتعاقب الدوائر حتى تبلغ حَفافي البركة كلها؟
كان مجتمعنا يوم صدورها (سنة ١٣٤٨هـ) مضطرباً هائجاً في جانبه النضالي والسياسي، ولكنه كان هادئاً في جانبه الفكري.
كان فيه مشايخ عاكفون على كتبهم في حلقاتهم، يكرّرون