جاءتني رسالة من رفيق زركلي، الطالب في السوربون، يقون إنه قرأ في الحلقات الأخيرة من ذكرياتي حملة قاسية على رجال الرعيل الأول في سوريا، من أمثال هشام الأتاسي وشكري القوّتلي وفخري البارودي وسعد الله الجابري، ولم يقرأ لي كلمة واحدة على غيرهم مِمّن عدا على العقائد فأفسدها، وعلى الأموال فغصبها، وعلى الأعراض ...
وجوابي أن من ذكر من الزعماء كنت أعمل معهم وأمشي وراءهم وأئتمر -أيام كنت أقود الطلاب من خمس وخمسين سنة (أي سنة ١٩٣١) - بأمرهم. ما كنت عدوّهم ولا أنا بالكاره لهم، ولكنّ لهم عيوباً. ما ادّعوا لأنفسهم ولا ادّعى أحدٌ أنهم كانوا مبرَّئين من العيوب معصومين من الذنوب. وأنا أدوّن ذكرياتي، أروي فيها ما رأيت وما سمعت، أذكر عيوبهم كما أذكر محاسنهم، لا بغضاً لهم ولكن نصحاً لغيرهم، وكذلك يصنع من يكتب التاريخ، لا يصوغ قصيدة في المدح.