للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٨٤ -

[الوقفة الكبرى]

أمامي بسيط من الأرض كان أمس (الأربعاء) صحراء ما فيها دار ولا دَيّار، وغداً (الجمعة) تصير مدينة عامرة فيها شوارعها وبيوتها وسياراتها وكلّ ما يحتاج إليه ساكنوها، وساكنوها يزيدون عن مليونين من الناس.

نحن نعرف قصّة إنشاء كثير من المدن: «واسِط» التي بناها الحَجّاج، وبغداد المنصور، وقاهرة المُعِزّ ... مدن كثيرة وُلدت صغيرة كما يُولَد كل حيّ ثم نَمَت وكبرَت. ولكن هل عرفتم مدينة تُولَد في يوم واحد فإذا هي من كبريات المدن ثم تخلو بعد يوم واحد؟ بلدة قامت في صحراء حيث لا نبع ولا ماء وليس فيها حدائق ولا بساتين، ليس فيها شيء ممّا في مصر والهند والعراق من جليل الآثار، وليس فيها سوق للتجّار يبيعون فيه ويشترون ويربحون، ولا ملاعب للهو ولا مقاصف للمتعة يؤمّها قاصدوها يستمتعون ويمرحون، ولا جامعات ولا نوادٍ للمحاضرات يحضرها طلبة العلم وروّاد المعرفة والاطلاع. ليس فيها شيء من ذلك، وعظمتها أنه ليس فيها من ذلك شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>