للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١٤٣ -

[من بغداد إلى كراتشي]

فارقت الموصل:

سَقى رُبَى المَوْصلِ الفَيْحاءِ مِن بَلَدٍ ... جُودٌ مِنَ المُزْنِ يَحكي جُودَ أهلِيها

أأندُبُ العَيْشَ فيها، أم أنوحُ على ... أيّامِها، أم أعزّى في لياليها؟

أرضٌ يَحِنُّ إليها مَن يفارقُها ... ويَحمَدُ العيشَ فيها مَن يُدانيها

وعدنا إلى بغداد. ولكن هل بغداد التي عُدت إليها هي بغداد التي كنت أُعلّم في مدارسها؟ وهل بغداد اليوم هي بغداد الأمس التي أتكلّم الآن عنها؟ ألا تتبدّل المدُن كما يتبدّل الإنسان؟ ألا يعمل فيها الزمان مثل عمله في الإنسان والحيوان؟

على أنّ الزمان لا ينفع ولا يضرّ، إنه وعاء للحوادث، إناء للصلاح وللفساد، «وكلّ إناء بالذي فيه ينضح». فإذا وجدتم زماناً فاسداً فلا تعيبوه فالعيب ليس منه:

نَعِيبُ زَمانَنا والعَيبُ فينا ... وَما لِزَمانِنا عَيْبٌ سِوانا

<<  <  ج: ص:  >  >>