أكتب هذه الحلقة في اليوم الأول من المحرم (سنة ١٤٠٧هـ)، اليوم الذي يخرج فيه الناس كلهم من بيوتهم، ينثرون أزرار الورد وأوراد الياسمين ويرشّون ماء زمزم على رأس القادم الجديد، وأنظارهم منصبّة كلها على يديه يحاولون أن يروا أو أن يشمّوا الهدايا التي يأملون أن يحملها إليهم. قد أنساهم استقبالُ الرفيق الذي قدم رفيقَهم القديم الذي سافر، فالاستقبال أمل ورجاء والوداع نبل ووفاء، وما أكثر الآملين وأقلّ الأوفياء.
التلميذ الذي أهمل الدراسة حتى رسب نسب رسوبه إلى الحظّ وإلى الزمان السيّئ، فهو يرجو النجاحَ ويرقب الحظّ في الزمان الحسن، أي في العام الجديد. والتاجر الذي زهد في العمل ومال إلى الكسل يطلب الربح من غير عمل من العام الجديد، وكل واحد له أمل يريد أن يتحقّق له في العام الجديد. فما الذي أطلبه أنا وما هي آمالي؟
الشابّ الواقف في أول الطريق يراه واضحاً ويرى غايته دانية، أما أنا فإني أستقبل العام وأنا في المحطة الأخيرة، لم تبقَ