حدّثتكم عن الجولان وجبل الشيخ يُطلّ عليها من طرفها. عين منه عليها وعين على البقاع في لبنان، فهو يُشرِف على سوريا ولبنان معاً. وما كانا قطّ إلاّ بلداً واحداً، هل تفرّق حدود على الأرض أو ألوان على المصوَّر بين مكّة وجدّة أو بين القاهرة والإسكندرية أو بين بغداد والبصرة؟ بل إن الشام كلّه من جنوبي تبوك في اصطلاح العرب الأولين إلى جبال طورس بلد واحد؛ إذا ذُكرت الشام في كتب التاريخ أو كتب الجغرافيا العربية شملَت هذا كلّه. ولكن ما لي نسيت الحقيقة الكبرى التي ما انقطعت يوماً عن ترديدها، ما كَلّ منها قلمي ولا ملّ منها لساني، الحقيقة التي يردّدها معي كلّ مؤذّن على كل منارة وكل تالٍ للقرآن ما بين بغداد وتطوان، بل ما بين أميركا واليابان حين يقرأ قوله تعالى:{إنّمَا المُؤمنونَ إخْوَة}، أخوّة ربطت عقدتَها يدُ الله فلن تحلّها يدُ بشر، أمة واحدة بنص القرآن الذي هو دستور السماء فلن تصير أمماً ولو اجتمعت دساتير الأرض على تفريقها.