كان عنوان أول مطبوعة صدرَت لي سنة ١٣٤٧ هجرية هو «في سبيل الإصلاح». ولقد حرصت عمري كلّه أن أسلك هذه السبيل، وكنت أُوفَّق بحمد الله أحياناً وتغلبني نفسي أو تعترضني العقبات فأتنكّبها حيناً.
من الناس من يبالغ في الشجاعة حتّى يجرّد سيفه ليقاتل طواحين الهواء وأعمدة الكهرباء، ومن الناس من يغلو في الجبن «حتّى إذا رأى غيرَ شيء ظنّه رَجُلاً»، {يَحسَبونَ كلَّ صَيحةٍ عليهم}، ومن يتشدّد في الطهارة حتّى تصير عنده وسواساً ... وأنا أبالغ في الشعور بالظلم والإشفاق على المظلومين؛ لو سمعت بمظلوم في المغرب وأنا في أقصى المشرق، أو قرأت قصّته التي وقعت منذ قرون، لم تمنعني شدّة البعاد ولا اختلاف الآماد من أن أغضب له، وأتمنّى أن أردّ عليه حقّه وأن أضرب على يد من ظلمه. حتّى إنني لأشاهد المسلسلة في الرائي فيها عادٍ ومعدوّ عليه، شيطان يأخذ ما ليس له بحقّ ومغفّل يُعطي ماله لمن لا يستحقّ، فأتمنّى أن أتمكّن من العادي فأردّ كيده وأعرّفه حدّه،