للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٤٤ -

أطفال الصّحراء

أمتنا من أطيب الأمم وأصفاها عنصراً وأغلاها جوهراً، فلماذا نجدها تُدعى أحياناً إلى البذل فتُحجِم ولا تُقدِم، وتمسك أيديها ولا تبسطها؟ ألِبُخل فيها وهي أمة الكرم؟ لا، ولكن لفقد الثقة أو لنقصها، فالمؤمن لا يُلدَغ من جُحر مرتين، والذي تعضّه الحية يخاف من الحبل. ولقد جربتُ هذه الأمة عشرات المرّات فوجدت من يدعو إلى مشروع خيريّ: إلى إسعاف فقراء أو إنجاد محتاجين أو بناء مسجد أو إقامة مستشفى (١) أو معونة مجاهدين، فإذا صار المال في يده وجد جيبه أو كيسه أقرب إليه، فوضعه أو وضع بعضه فيه. من هنا صار الناس يشكّون في كثير ممّن يجمع التبرعات للخيرات وللمبرّات. وأخرى نجدها هنا وفي أقطار الخليج التي منّ الله عليها بالمال: يقوم في المسجد بعد الصلاة رجل طلق اللسان بارع البيان حافظ للشواهد والآثار، فيتكلم فيهزّ من القلوب حبّاتها ويحرّك من النفوس أعماقها، ويبكي أسىً على حال المسلمين وإشفاقاً على هذا الدين، ويستبكي السامعين.


(١) لا أدري لماذا يؤنّث بعض الناس كلمة مستشفى كما يؤنّثون الرأس، وكلاهما مذكَّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>