للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا بلغ منهم ما أراد شكا سوء حاله وكثرة عياله وقلّة ماله، وإذا هو «شحّاد»، وإذا هذه الموعظة وهذه الدموع «لوازم» الصنعة وأدوات «الشحادة»!

فأزمة أمّتنا (كما قلت غير مرّة) ليست أزمة شحّ ولكنها أزمة ثقة، فإنِ الناسُ اطمأنوا إلى طهارة المشروع وأمانة الداعي، أخذوا الحلوى من أفواه أولادهم ونزعوا القلائد من أعناق نسائهم وبذلوها. ولا يزال في أمّة محمد ‘ أناس يؤثرون على أنفسهم، ويعرفون للسائل والمحروم حقّه في أموالهم، ويُعطُون لله لا يريدون جزاء ولا ثناء، ما انقطعوا ولا ينقطعون إلى يوم القيامة. وقد عرف النكدي (وهو الـ «عارف») هذه الحقيقة، فعالج كفّ المحسنين أيديَهم بإعادة الثقة إلى نفوسهم في مشروع «إسعاف أطفال الصحراء».

وما مشروع أطفال الصحراء؟

عرفتم أن الثورة السورية كانت واسطة العقد، وكانت بيت القصيد في مرحلة النضال التي قطعَتها البلاد العربية فيما بين الحربين، وكان فيها «الصمود» أمام الاستعمار و «التصدّي» لردّ عدوانه؛ كان فعلاً لا قولاً، لم يكن خُطَباً تُصاغ وبيانات تُسطَر، بل دماً يُراق وأرواحاً تُزهَق، ونصراً على أعداء الله أو شهادة في سبيل الله.

ولكن الثورة خبَتْ نارُها لمّا كثر أعداؤها وقلّ أنصارها وتكالبت عليها جِلاد (١) المستعمرين ومن أعانهم من المسلمين،


(١) أي أهل القوة والجلَد منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>