أذّن المغرب فأبيحَ لنا ما كان محرّماً علينا؛ كنّا نرى الطعام الشهيّ أمامنا ونحن نشتهيه، والشراب البارد بين أيدينا ونحن نتمناه ونرغب فيه، فلا نمدّ إليه يداً، نكفّ النفس عنه ومُناها الوصولُ إليه، لا يمنعنا منه أحد ولا يرانا لو أصبنا منه أحد، ولكنه خوف الله. لذلك قال الله في الحديث القدسي:«كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصوم، فإنه لي».
إن كلّ العبادات لله فما بال الصوم؟ ولماذا خصّه الله بالنصّ على أنه له؟
لست أدري، ولكني أظنّ -والله أعلم- أن العبادات عمل فأنت تستطيع أن تعملها رياء، أما الصوم فهو «ترك عمل» فلا يمكن أن يدخله الرياء، إلاّ إنْ جاء مَن يلازمك لزوم الظل فيكون معك في كلّ لحظة وفي كلّ مكان، وهذا ما لا يدخل في الإمكان، بل إن من الممكن أن يشرب العطشان من حنفيّة المغسلة في المرحاض، ويمكن أن يبتلع الماء وهو يتمضمض عند الوضوء فلا يحسّ به أحد ولو كان الناس حوله ينظرون