قلت لكم إن رئيس مجلس القضاء الأعلى خيّرني بين أن أبقي قاضياً ممتازاً في محكمة دمشق أو أن أنتقل مستشاراً في محكمة النقض، وعرفتم أني تردّدت وتحيّرت ثم عزمت على البقاء. وبعد أن وافقت على النقل سحبت موافقتي فجاءني هذا الكتاب برقم ٢٩ وتاريخ ٢٧/ ٢/١٩٥١ وإمضاء رئيس مجلس القضاء الأعلى وجيه الأسطواني، يقول فيه: بناء على عدولكم عن هذه الموافقة فإني أعيدها إليكم ودمتم.
ولي عن محكمة النقض (التي كانت تُسمّى محكمة التمييز) ذكريات جمّة من قبل أن أكون فيها، ذلك أن أبي كان رئيس ديوانها سنة ١٩١٨، ولي هذا المنصب بعد أن ترك (ولست أدري كيف ترك) المديرية العامة بمدرسة الاتحاد والترقّي التي كانت أرقى ثانوية في دمشق على عهدها وكان الناس يدعونها المدرسة التجارية.
ولم يكن أبي معدوداً رسمياً في قضاة المحكمة، بل كان في رأس سلّم المساعدين القضائيين ودون مرتبة المستشارين،