هذه الحلقة فيها تَتِمّة الكلام عن النبك. والنبك لمّا جئتها (في أواخر سنة ١٩٤١) كانت بُلَيْدة أو قرية كبيرة، القديم منها قائم فوق الجبل والمدينة الجديدة -بشوارعها المستحدَثة ودورها الأنيقة ذات الواجهات الحجرية الجميلة والأقواس والأعمدة- في منبسط من الأرض حول هذا الجبل، وذلك كله قائم على ذروة من ذُرى لبنان الشرقية تعلو عن البحر أكثر من علوّ مصيف صوفر في لبنان. فاستأجرت أول دار على يمين الداخل على البلد من جهة الشام، ثم جاء أخي ناجي بعد ذلك بأمد طويل فصار قاضياً فيها، فاستأجر آخر دار على يسار الخارج منها إلى حمص، فكان ذلك من عجيب المصادفات.
جئتها في الشتاء، وكان شتاء بارداً والبلد لعلوّه شديد البرودة، ولم نكن نتخذ في الشام هذه المدافئ، إنما كان يتخذها ذَوُو اليسار والغِنى، ولم نكن منهم، فكنّا نكتفي بـ «المنقل»، وهو وعاء من النحاس أو الحديد مختلف الأشكال والنقوش يوضع فيه الرماد، ثم يكون فوق الرماد وخلاله الجمر المتقد