يا ليتني لم أذكر في الحلقة الماضية مدارس البنات والذي رأيناه في مدارس البنات! لقد نكأ ذكرُها عليّ جرحي الذي حسبته اندمل، وأيقظ ذكريات ظننتها ماتت فإذا هي حيّة تَلدغ، ولدغتها تُربِك وتكاد تُهلِك. إنه حديث طويل يقطر الألم من كلّ كلمة فيه، وما فيه كلمة إلاّ وهي حقّ وصدق. إنه تاريخ يُروى ليس حديثاً يُفترى، فهل أتكلم عن مدارس البنات أم أعود إلى سرد الذكريات؟
لقد انقطع خيط السبحة على كل حال وتناثرت حبّاتها، ولم يعُد يفيد نَظْمها من جديد.
ولست أكره مدارس البنات ولا أنا مِمّن يبلغ به قصر النظر وضيق الفكر أن يحاربها، لأن طلب بعض العلم فرض على الرجال والنساء، لا فرق بينهما في شيء من الواجبات والمحرّمات ولا في شيء من الثواب والعقاب.
مدارس البنات في الشام قديمة، ولقد قلت لكم إن عمّتي كانت أول فتاة تخرّجت فيها سنة ١٣٠٠هـ، أي من مئة سنة