كان العزم أن يكون موضوع هذه الحلقة عن الاصطياف، ولكن هل يحتاج مَن يسكن دمشق إلى اصطياف ودمشق كلها مَصِيف؟ ولقد كان من إخواننا من كرام الأساتذة في المملكة وفي العراق مَن يؤمّ دمشق نفسها يقضي الصيف فيها، كان صيفها كالربيع في بلاد الناس، فما الذي بدّل حالها؟ أنا حين أسمع الآن في النشرة الجوية أن الحرارة في دمشق قد جاوزت الثلاثين أفرك أذني، أتبيّن هل سمعتا حقاً أم أسمعتاني ما لم يقُل المذيع؟ لقد بلغتُ هذا العمر وما عرفت في دمشق يوماً تصل حرارته إلى الثلاثين أو تقاربها.
ولعلّ دمشق التي أتكلم هنا عنها غير دمشق التي يراها الناس اليوم، إنما أعني دمشق طفولتي وصباي، فكيف أحدّ لكم حدودها وأعرض عليكم معالمها، وقد ذهب ذلك كله مع أمسِ الدابر وجاء بعده بلد جديد؟
إذا رأيتَ الرجل الكبير، وكنت تعرفه طفلاً صغيراً حلواً مبرّأ من العيب خالصاً من الشرّ، بعينيه الصافيتين اللتين تُشِعّان