سمعت وأنا في بغداد مثلاً قديماً لعله أُطلق أيامَ فَقْد الأمن واضطراب أمر الناس، هو:«اكتم ذهبك وذهابك ومذهبك».
عملت بهذا المثل. لم أكتم ذهبي لأنني ما كنت أملك ذهباً لأكتمه. أما ذهابي فقد أمنت الطرق واطمأن الناس فلم تَعُد بي ولا بغيري حاجةٌ إلى أن نستَتِر بالسفر. أما المذهب فقد اتّبعت طريقاً هو أن لا أسأل طالباً من طلابي: أسنّي أنت أم شيعي؟ وما كانت لي حاجة أن أعرف، ولو عرفت ما كان لمعرفتي أثر في معاملة الطلاب لأنني كنت أعاملهم جميعاً على السواء.
(١) هذه الحلقة من الذكريات لم تُنشَر من قبل قط، فقد أحجمَت الجريدة عن نشرها فلم تظهر ضمن الحلقات الأسبوعية التي كانت تنشرها حينئذ، وردّتها إلى جدي فكتب عليها بخطه «للحفظ لتُنشَر يوماً»، ففكرت وأنا أقرأ هذه العبارة: هل استبعدها من «الذكريات» حين نُشرت في كتاب متعمّداً أم نسيها وسها عنها؟ ثم غلّبت الاحتمال الثاني لأنه لو لم يُرِد نشرها لما كتبها أصلاً، ولم أجد مانعاً يمنع من نشرها فضممتها إلى هذه الطبعة من الذكريات في موضعها الذي كُتبت لتكون فيه (مجاهد).