وجاء يوم عاشوراء قبل الليلة التي حدثتكم عنها (١). وليوم عاشوراء شأن في العراق؛ إنه يوم حزن، يصير البلد كله مأتماً كأنما قُتِل الحسين رضي الله عنه بالأمس، وكأن عمّال بني أمية (أو مَن شارك منهم في وِزر قتله) لا يزالون يحكمون العراق. نسي الناس أنها قد تغيرت الدنيا، ودالت دول ووُلدت دول، وبُدِّلت الأرضُ غيرَ الأرض ولكن ما بُدِّلت هذه الأعمال.
ونحن المسلمين نحب كلنا رسولَ الله عليه الصلاة والسلام، ومن لا يحبه أكثرَ من نفسه لا يكمُل إسلامه، ونحب من كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وممن كان يحبه سبطاه الحسن والحسين. فنحن نترضى عنهما ونصلي عليهما بعد صلاتنا على جدّهما، ونلعن من قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتبرأ منه وممن أمره بذلك وممن أعانه عليه، ولكن لا نصنع ما لا يرضاه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا نخالف عن أمره، ولا نتبع غير سبيله. وما رأينا بعضَ الناس يصنعونه في العراق يوم عاشوراء مما لا يرضاه الرسول الذي يجب علينا اتباعه.
* * *
أراد أنور أن يجول جولة في منطقة «الحلّة» يوم عاشوراء، ففعلنا، ورأينا آثار بابل والسدّة الهندية وجسر المثيب الذي كنتم تسمعون ناظم الغزالي يبكي أحبته الذين ثَيّبوه فيه فعذّبوه ومَرْمَروه، وسيأتي حديث ذلك.
وأخذنا معنا من شاء من الطلاب، فكانوا ثلاثة، منهم طالب
(١) الليلة التي ثار فيها دجلة، وخبرها في الحلقة السابقة (مجاهد).