ما أدهشني لمّا وصلنا مطار كراتشي أنني رأيت المراوح الكِبار فوق مكاتب موظفي المُكوس (الجوازات) وهم بقمصان ما لها أكمام، ونحن نلبس الصوف من تحت الثياب والمعاطف من فوقها وفوق ذلك العباءات! فكدت أحترق، ولكن برودة الموظف الذي وقفنا أمامه، هذه البرودة التي أعداه بها الإنكليز على ما يظهر، أطفأَت الحريق الذي أوشك أن يشبّ فيّ وردّتني إلى برد بغداد التي فارقناها وهي في الشتاء.
وكان وراء الحاجز سفراء السعودية ومصر والعراق وسوريا، ووفود الجماعة الإسلامية وحشد ضخم من كرام القوم، تركوا بيوتهم وجاؤوا إلينا يسلّمون علينا نصف الليل، وأخونا الموظف لا يحسّ بهم ولا ينقص من عمله شعرة.
وانتهت الإجراءات أخيراً ففتحوا لنا، لا عناية بنا بل لأنها وصلَت طائرة جديدة ودخل وفد آخر من المسافرين. وخرجنا فوجدنا سفير مصر الصديق الجليل الدكتور عبد الوهاب عزّام، وسفير السعودية الصديق الفاضل الشيخ عبد الحميد الخطيب،