كنت في شتاء ١٩٥٩من عهد الوحدة أشتغل بنشر سلسلة «أعلام التاريخ» التي تكلّمت فيها عن رجال، منهم من عرف الناس سيرته مُجمَلة ففصّلتها كعبد الرحمن بن عوف، ومن سمع الناس باسمه ولم يعرفه أكثرهم كالقاضي شُرَيك صاحب المناقب التي قلّما حوى تاريخ قضاء أمّة مثلها، وعبد الله بن المبارك المليونير الزاهد والفقيه المحارب العابد. ومنهم من لم يسمع به في بلدنا إلاّ نفر قليل كأحمد بن عرفان، الذي كان عالماً عابداً وكان زعيماً مجاهداً، والذي نازل في الهند الإنكليز والسيخ معاً وأقام دولة تحكم بالإسلام عجز العدو عنها، فقضى عليها الجَهَلة من المسلمين العوامّ.
ومنهم الرجل الذي أرجو أن يقرأ سيرته كل عالِم وطالب علم، الذي أخلص حياته للعلم وفرغ من شهوتَي بطنه وفَرجه وبلغ أرفع منصب علمي على أيامه، وهو أنه صار مدير الجامعة الكبرى، أي شيخ دار الحديث الأشرفية، التي كان من أوائل