تكاثرَتِ الظّباءُ على خِراشٍ ... فما يدري خِراشٌ ما يَصيدُ
هذا هو مثالي اليوم. وأنتم تعلمون ممّا بقي في أذهانكم من دروس البلاغة (إن كان قد بقي فيها شيء منها) أن المشبَّه لا يكون كالمشبَّه به في جميع صفاته، بل فيما هو «وجه الشبه». فإن سمعت مغنياً يقول:«يا غزالاً صادَ قلبي» لا تتصوّر أن لهذه الحبيبة التي صادت قلبه ذنَباً كذنَب الغزال أو أنها تمشي على أربع! وإن شبّهوها بالقمر ليلة أربعة عشر لم نتصور وجهها دائرة كاملة كوجه القمر، ولا أنه مثله -كما زعموا- فيه الصخر والحجر!
أنا مثل خراش في تردّده وحيرته، لا في خَلْقه وصورته، لأنه كما تعرفون (أو كما لا تعرفون) كلب وأنا بحمد الله بشر. وإن كان في البشر من يَحسُن به أن يعود فيقرأ كتاب «تفضيل الكلاب على كثير ممّن لبس الثياب».
* * *
لقد وصلت في هذه الذكريات إلى مفرق الطرق، ففتحت أمامي مسالك لا أستطيع أن أمشي فيها كلها معاً وأحار فلا أدري