أيامي التي مضت ولن تعود، أحنّ إليها ولا أدري لماذا الحنين إليها؟ أنا الآن أوسع -بحمد الله- دنيا، وأكبر اسماً، وأكثر مالاً، لا أشكو من مرض، وما بي حاجة إلى أحد، قد كفاني الله بفضله عمّن سواه. ولكنه الإنسان يزهد فيما وجد ويشتهي ما فقد؛ فأنا أحنّ إليها لأني فقدتها، أيامي في مصر سنة ١٩٢٨، أيامي في بغداد سنة ١٩٣٦، أيامي في بيروت سنة ١٩٣٧ ... وقبل ذلك أيامي في دمشق، بلدي الحبيب الذي أتمنّى أن أقضي في ربوعه ما بقي لي من العمر (وهو قليل) بين أهلي فيه وبين أصحابي. ولكن أين أهلي وأين أصحابي؟ ما بقي منهم إلاّ أقلّ من القليل، فلو ذهبت الآن إلى الشام لغدوت فيها غريباً: