أكتب هذه الحلقة في جدّة، جدّة التي يقطع الماشي اليوم من شرقيها على طريق مكّة إلى شماليها على طريق المدينة أكثر من ثلاثين كيلاً، يمشي في غابة من العمارات الفخمة، في شبكة من الشوارع المعبّدة. هل هذه هي جدّة التي أكتب ذكرياتي عنها؟
إن جدّة الماضية ليست إلاّ «ذكرى» في ذهن جدّة الحاضرة، وجدة الحاضرة ما هي إلاّ «أمل» عند جدّة الماضية. بل لم يكن أحدٌ في جدّة يأمل أو يتصور أنه يمكن أن يصير طول جدّة ثلاثين كيلاً، ولو خبّرته بأن ذلك سيكون لعدّك أحد المجانين.
إن الذي تحقّق في جدّة وفي مكّة وفي الرياض وفي مدينة الرسول ‘، بل في أصغر القرى الضائعة بين صخور جبال السَّرَاة وفي أوديتها، ما تحقّق يتعدى حدود الخيال. فهل سمعتم بحقيقة