الذي يجري الآن في فلسطين كبِّروه ثلاثين مرّة، والذي جرى في مصر سنة ١٩١٩ كرِّروه ثلاثين مرّة، تروا أمامكم صورة لما كان في سوريا وفي دمشق خاصّة من سنة ١٩٣٦ إلى إعلان الحرب العالمية الثانية.
كان الشعب في غليان، وكانت شوارع دمشق وسُوحها ساحات حرب، وكان الشبّان وكان الناس كالجيش في حال الاستنفار:
لا يسألونَ أخاهمْ حينَ يندُبهمْ ... في النّائباتِ على ما قالَ بُرهانا
كان الناس يجتمعون في الجامع الأموي (مركز القيادة الشعبية)، ففيه تُلقى الخطب ومنه تخرج المظاهرات، فتصطدم بالشرطة والدرَك ثم بالجنود والدبّابات، وكان أول هدف لهم إذا خرجوا من الجامع مخفر سوق الحميدية، وطالما احتلّوه ودمّروا ما فيه. والهدف الثاني الترام الذي تملكه شركة بلجيكية وتحميه الحكومة المنتدبة الفرنسية، وطالما رأيت عرباته يَصُبّ عليها المتظاهرون النفط ويشعلون فيها النار حتّى لا يبقى منها إلاّ