لمّا قدم عبد الناصر الشام وخرج الناس (أو أُخرِجوا) لاستقباله كان في طليعة مستقبليه في المطار المشايخ. وكان من بينهم رفيق السباعي، الرجل الذي ترك الطبّ بعدما أكمل دراسته ونال شهادته، ليلزم الشيخ بدر الدين وينقطع لخدمته ويُمضي حياته في صحبته.
فلما مرّ عبد الناصر عليه ناوله ورقة كبيرة، فعجب الرئيس منها وارتاب بها، ودفعها إلى عبد الحميد السرّاج (وكان يمشي معه). فقال له الشيخ: إنها لك لا له، وفيها مطالبنا منك لا منه. قال الرئيس: إنها وصلَت إليّ.
وهذا المشهد معروف هنا (في المملكة) لا يُستنكَر ولا يُستكبر، فما يأتي الناس للسلام على الملك أو الأمير إلاّ ناولوه مثلها. وهذه هي الرقاع التي كانت على عهود الخلفاء، لا سيما العباسيين، وكان لها موظّف كبير يُحصيها ويقرؤها ويرفع خلاصتها إلى الخليفة فيأمر فيها بأمره. ثم ماتت هذه السنّة في سائر البلاد