الجهاد جهاد بالنفس وجهاد بالمال وجهاد باللسان، ولئن خاض ميدانَ القتال (أيام الثورة السورية) رجالٌ أبطال بسلاحهم وأيديهم، فلقد خاضه الشعراء بألسنتهم وبقصائدهم. والله يجزي الناس بنيّاتهم وبإخلاص عملهم لربهم، ولكن البشر يَزِنون الناس بأعمالهم، وقد ذهب ما صنع المقاتلون في المعارك ونسيناه وأحصاه الله، وبقي ما قال الشعراء.
أفرأيتم بقاء الأدب في الدنيا ومصارعته النسيان؟
الذي لديّ من ذلك (أحفظه في ذاكرتي أو أجده مدوّناً عندي على خلاف عادتي) كثير، فيه تاريخ الثورة، فإن لم تهتموا بهذا التاريخ فإنكم واجدون فيه صوراً من حياة الناس في تلك الأيام وأنماطاً من أساليب الشعراء المتعدّدة في الموضوع الواحد. هذا يوم كان الشعر شعراً وكان الأدب أدباً، يوم لم يكن قد ظهر هؤلاء الذين عجزوا عن الشعر، لم يستطيعوا أن يصعدوا إليه فحاولوا إنزاله إليهم، ولم يقدروا أن يحملوا أنفسهم على ما يستلزمه من بلاغة المنطق وموسيقية التعبير واتساق أبيات القصيدة